الأكل عند أناس طعامهم حرام ولا يزكون أموالهم

إنني أحرص على كسب لقمة العيش الحلال؛ حتى أضمن قبول دعائي، وعبادتي لله -عز وجل-، إذ أن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، فما حكم تناول الطعام عند أشخاص أعلم أنهم يأكلون الحرام، ولا يخرجون زكاة أموالهم، وإن كانوا من أقرب الأقرباء؟

الإجابة

الواجب على كل مسلم أن يتحرى كسب الطيب، وأن يحذر كسب الخبيث يقول الله -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)، (267) سورة البقرة. فكما أن المؤمن يتحرى في نفقته كسب الطيب، الذي ينفع المعطى والمهدى إليه، وينفع المسكين ولا يتيمم الخبيث، يقصد الخبيث الرديء فينفق منه، إذا كان نُهي عن هذا وهو حلال، فكيف بما إذا كان الكسب حراماً، الأمر أشد، فليس للمسلم أن يكسب الحرام بالسرقة، أو بالخيانة، أو بالربا، أو بغير هذا من الأكساب المحرمة، وفي الحديث الصحيح يقول -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله تعالى طيب ولا يقبل إلا طيبا) ويقول: (ما تصدق عبدٌ بتمرة من كسب طيب، -ولا يقبل الله إلا الطيب-، إلا تقبلها الله بيمينه فيربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه أو خصيبه، حتى تكون مثل الجبل)، وصح عنه -عليه الصلاة والسلام-أنه قال: (ما أكل أحدٌ طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داوود -عليه الصلاة والسلام-كان يأكل من طعام يده)، ولما سئل -عليه الصلاة والسلام-: (أي كسب أطيب؟ قال: عمل الرجل يده كل بيع مبرور)، وقد أحسنت في تحري كسب الطيب، والحرص عليه، أما من عُرف بأن كسبه حرام، فينبغي عدم تناول طعامه، وعدم إجابة دعوته، إذا عٍُرف أن كسبه خبيث، من الربا، أو من السرقات والغصب، أو من أنواع أخرى من الكسب الحرام، كبيع الخمور، وأشباه ذلك، كل هذا ينصح ويوجه إلى الخير، ويحذر من مغبة عمله؛ لأن الدين النصيحة، والمسلم أخو المسلم ينصحه ويشير عليه، وإذا لم يقبل النصح ولم يدع هذه المكاسب، فهو جدير بأن يهجر حتى يتوب، وجدير بأن لا تجاب دعوته، حتى يتوب، وهذا من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب النصح لله ولعباده، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يرزقهم الكسب الطيب، وأن يعينهم على التعاون على البر والتقوى، والتناصح إنه خير مسئول. جزاكم الله خيراً، ما الحكم إذا كان الشخص يأكل حراماً، وله أبناء وله أناس يعولهم، كيف يتصرفون والحالة هذه؟ الحال فيهم مختلفة، المضطر نرجو أن لا يكون عليه شيء، كالصبيان الصغار وأشباههم؛ لأنه هو الذي يعولهم، فالإثم عليه، أما الزوجة التي تعلم هذا، فلها أن تطلب الطلاق وتفارقه؛ لأن هذا عذرٌ لها شرعي، إذا كان كسبه خبيث، فلها العذر أن تطلب الطلاق، وأن تذهب إلى بيت أهلها، وتطالب بتغيير الكسب، أو بالطلاق حتى لا تبقى مع من يأكل حرام، أما إذا كان عنده كسب طيب ولكن في ماله اختلاط، في ماله شيء من الشبهة فهذا أسهل، والأمر فيه أوسع، أما إذا كان معروفاً بكسب الخبيث، وأن كسبه كله خبيث، فهذا لزوجته العذر، ولأولاده العذر في أن لا يأكلوا من بيته، أولاده الكبار المرشدين العارفين، أما المضطرون من أولاده الصغار، والفقراء الذين لا حيلة لهم، فنرجو أن يعفوا الله عنهم إذا أكلوا من ماله عند الضرورة، حتى يجعل الله لهم فرجاً ومخرجاً. جزاكم الله خيراً