حكم من توقف في تكفير القبوريين لشبهة إقامة الحجة

في فتاواكم -ويخاطبكم سماحة الشيخ- المؤرخة بتاريخ: 20/ 5/ 1408هـ والمرقمة برقم (1043) وهي: ولذا يعلم أنه لا يجوز لطائفة الموحدين الذين يعتقدون كفر عباد القبور أن يكفروا إخوانهم الموحدين الذين توقفوا في كفرهم حتى تقام عليهم الحجة؛ لأن توقفهم عن تكفيرهم لهم له شبهة، وهي اعتقادهم أنه لا بد من إقامة الحجة على أولئك القبوريين، مثل تكفيرهم بخلاف من لا شبهة في كفره كاليهود، فقد فهم بعضنا أن الحجة تقام على الإخوة الموحدين لوقوعهم في شبهة عدم تكفير عباد القبور ظناً منهم أن عباد القبور تقام عليهم الحجة قبل تكفيرهم، وفهم البعض الآخر أن معنى حتى تقام الحجة عليهم، أي: متى تقام الحجة على القبوريين؟ وليس معناه إقامة الحجة على طائفة الموحدين الذين يقرون عباد القبور بالجهل، أو الذين يعذرون عباد القبور بالجهل، فالرجاء يا سماحة الشيخ عبد العزيز! وأستحلفك بالله الذي لا إله غيره أن توضح لنا هذا الأمر، هل الذي تقام عليه الحجة هم عباد القبور أو الموحدين الذي يعذرون عباد القبور؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابة

المقصود هو أن الذين توقفوا في تكفير عباد القبور، لا يكفرون حتى تقام الحجة على أولئك الذين استمروا في عبادة الأموات والاستغاثة بالأموات؛ لأن هؤلاء الذين توقفوا في كفرهم لهم هذه الشبهة، فالمقصود أن الموحد المؤمن الذي توقف عن تكفير بعض عباد القبور لا يقال إنه كافر؛ لأنه لم يكفر الكافر، ولكن يتوقف في تكفيره حتى يبين له وتزول الشبهة أن هؤلاء الذين يعبدون القبور ويستغيثون بالأموات كفار؛ لأن الذين عبدوا القبور من أهل الجاهلية في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبله كانوا كفاراً إلا من كان من أهل الفترة الذين لم تبلغهم الحجة فهؤلاء أمرهم إلى الله سبحانه وتعالى، أما الذين بلغتهم الحجة فهم كفار وإن كانوا في نفس الأمر لم يفهموا ولم يتبينوا أن ما هم عليه كفر، فإذا كان الموحد الذين عرف الدين وعرف الحق توقف عن تكفير بعض هؤلاء الذين يعبدون القبور فإنه لا يُكَفَّر حتى يبين له الحجة وتزول الشبهة التي من أجلها توقف، والمقصود هو أنه لا يكفر الموحد الذي توقف عن تكفير عباد الأوثان حتى تقوم عليه الحجة هو، وحتى يبين له أسباب كفرهم، وحتى تتضح له أسباب كفرهم هذا المقصود؛ لأنه قد يتوقف يحسب أنهم ليسوا بكفار، فإذا بين له ذلك واتضح له ذلك صار مثل من لم يكفر اليهود والنصارى، فمن قال إن اليهود النصارى ليسوا كفاراً وهو ممن يعرف الأدلة الشرعية ومن أهل العلم يبين له حتى يعرف أنهم كفار، وإذا شك في كفرهم كفر؛ لأن من شك في كفر الكافر الواضح كفره كفر، واليهود والنصارى من الكفار الذين قد علم كفرهم وضلالهم وعرفه الناس عاميهم وغير عاميهم، وهكذا الشيوعيون الذين يجحدون وجود الله، وينكرون وجود الله كفرهم أكثر وأبين من كفر اليهود والنصارى، والقاعدة الكلية في هذا أن الذي توقف في كفر بعض الناس لا يستهزأ بكفره حتى يوضح له الأمر وحتى تزال عنه الشبهة التي من أجلها توقف عن تكفير الكافرين والله المستعان. جزاكم الله خيراً