هل يصح قسمة المال قبل الموت على الأولاد وحرمان البنات

رجل له بيوت، فقام بتقسيم هذه البيوت في حياته على أولاده الذكور وحرم الإناث، بحجة أنهن متزوجات، ولأزواجهن بيوت يسكنونها، فحصلت من جراء هذه القسمة عداوة وبغضاء بين الأولاد والبنات، واشتدت الكراهية، وامتد الحقد إلى الأب والأم، مما أدى إلى تمزق الأسرة وتفككها، فلم يعد أحد يسأل عن أحد حتى في حال مرضه، ما هو رأي الدين في هذه المسألة، وهل يحق للأب تقسيم ماله وهو حي على هذا النحو؟ أفيدونا أفادكم الله.

الإجابة

ليس للأب أن يوزع ماله على أولاده الذكور دون الإناث، أو يفضل الذكور على الإناث من غير التفضيل الشرعي، بل يجب عليه أن يعدل في قسمة ماله، كقسمة التركة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، فقد جاءه بشير بن سعد الأنصار -رضي الله عنه-، وذكر له أنه وهب ابنه النعمان غلاماً فقال: (أكل ولدٍ أعطيته مثل هذا؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، وقال: (لا تشهدني على هذا فإني لا أشهد على جور)، وقال: (أيسرك أن يكونوا في البر سواء؟ قال: نعم، قال: فلا إذاً)، فهذا يدل على أنه إذا حاف ولم يعدل جرهم إلى التقاطع، كما وقع في هذا السؤال، جرهم إلى التقاطع والتصارم والبغضاء بينهم، وهذا لا يجوز، الواجب على الأب أن يتقي الله وأن يعدل بينهم، إذا قسم للذكر مثل حظ الأنثيين، كقسمة الميراث، هذا هو الأرجح. وقال بعض أهل العلم: إنه يسوي بينهم سوى سوى، الذكر والأنثى سوى، ولم يجعله كالميراث، ولكن الصواب أن القسمة الشرعية كالميراث؛ لأن الله -جل وعلا- قسم بينهم أموال آبائهم إذا ماتوا هكذا: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ[النساء: 11]، فإذا قسم الرجل ماله بينهم على قسمة الله، للذكر مثل حظ الأنثيين فلا حرج في ذلك، ولكن الأولى أن لا يقسم بينهم، وأن يتمتع بماله حتى لا يحتاج إليهم بعد ذلك، يبقي ماله عنده أو على الأقل يبقي شيئاً من ماله ينفعه، يتصدق منه، ينفقه في حاجاته، لأنه إذا قسمه بينهم قد يضطر إلى الحاجة إليهم، وقد لا يقوموا بالواجب، وقد ينفقون الأموال ويضيعونها، فنصيحتي لكل إنسان أن لا يحرص على قسم ماله بين أولاده، وأن لا يعجل، ولو ظن فيهم الخير، ولو ظن أنهم سوف يبرونه، ينبغي له أن يحتاط، فلا يعجل، بل يترك ذلك بعد وفاته على قسمة الله، فيتصرف في ماله، وينفق في وجوه البر، ويحسن إلى المسلمين والفقراء والمحاويج، حتى لا يضطر إلى رحمتهم، والحاجة إليهم، لكن إذا أعطاهم بعض الشيء من ماله شيء لا يضره، أعطاهم بعض المال وعدل بينهم، ولو أن البنات متزوجات يعدل بينهم لا بد، إذا أعطى الرجل ألف يعطي البنت خمسمائة، وإذا أعطى الرجل ألفين يعطي البنت ألفاً، وهكذا في عطيته يعدل بينهم لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم). جزاكم الله خيراً