كفارة من حلف أن لا يقع في الزنا ثم وقع فيه

لقد حلفت بالقرآن العظيم أكثر من ثلاث مرات، أو أقل لست متأكداً تماماً؛ لأنه قد صار لهذا الأمر وقت طويل، حلفت على أن أجتنب الزنا، لكنني لم أستطع السيطرة على نفسي وهذه الحالات تسببها لي زوجتي؛ لأنها لا تعرف واجباتي الزوجية مطلقاً، مما جعلني لا أحبها وأكرهها، علماً أن عندي منها خمسة أطفال، فما هي الكفارة عن كل يمين، وهل الكفارة تمحو ذنبي، وهو الذنب الذي حلفت عليه، وهل الله -عز وجل- يبقى غاضباً عليّ، علماً أنني أصلي وأصوم شهر رمضان سنوياً، ودائماً أفكر في عذاب الله، ولكن النفس أمارةٌ بالسوء؟ أفيدوني أفادكم الله.

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد: فلا ريب أن الزنا من أقبح الكبائر، ومن أعظم السيئات، فالواجب عليك أيها السائل التوبة إلى الله من ذلك، وجهاد النفس حتى لا تقع في هذه الفاحشة العظيمة، والله يقول -سبحانه-: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً[الإسراء: 32]، ويقول سبحانه: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا[الفرقان: 68-70] فعليك أيها السائل التوبة إلى الله، والبدار بذلك، وجهاد النفس جهاداً كبيراً، حتى تسلم من هذه البلية العظيمة، والمصيبة الكبيرة الخطيرة، وعليك كفارة اليمين عن حلفك بالقرآن أنك لا تزني، وهي كفارة واحدة إذا كانت اليمين واحدة كررتها بالقرآن لا أزني بالقرآن لا أزني بالقرآن لا أزني ولو مرات كثيرة كفارة واحدة، وهكذا لو قال الإنسان: والله لا أكلم فلان، والله لا أكلم فلان، والله لا أكلم فلان، والله لا أكلم فلانة، فإنه عليه كفارة واحدة، إذا كانت اليمين مكررة على شيء واحد، فإن كفارتها واحدة، وهكذا لو قلت: والله لا أزور فلاناً، والله لا أزور فلاناً، والله لا أزور فلاناً، فإنها كفارة واحدة، إلا إذا زرته، وأنت تنافي والله لا أزور وزرته كفارة واحدة، ولا تكفي الكفارة عن التوبة، لا بد من الكفارة عن يمينك ولا بد من التوبة من الزنا، التوبة الصادقة ومعناها الندم على الماضي من الفواحش، والإقلاع من ذلك، وعدم العود إلى هذا الأمر، والعزم الصادق على ذلك، هذه هي التوبة تشمل أموراً ثلاثة الأمر الأول: الإقلاع من المعصية والحذر منها تعظيماً لله وخوفاً منه –سبحانه. والأمر الثاني: الندم على الماضي، الندم الصادق والحزن على ما مضى من عملك السيئ. والأمر الثالث: العزيمة الصادقة أن لا تعود لذلك، ومن تاب تاب الله عليه. أما الكفارة فلا تكفي، احذر يا عبد الله أن يهجم عليك الأجل وأنت على هذه الحالة السيئة، فإن الزنا شره عظيم وعاقبته وخيمة. أما الزوجة فإذا كانت لا تناسبك ولا تحبها فالحمد لله لك الفرج طلقها والتمس غيرها امرأة مناسبة، لعل الله أن يغنيك بها عن الفاحشة، الله جعل الطلاق رحمة لعباده عند الحاجة إليه، فطلقها طلقة واحدة والتمس غيرها، وأبشر بالخير إذا صدقت، وأردت الخير أبشر بالخير: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ[الطلاق: 2-3] وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا[الطلاق: 4] هذا كلام ربنا -عز وجل- وهو الصادق -سبحانه-، فاتق الله، وراقب الله، واحذر غضبه، واحذر أن تلقى ربك وأنت على هذه الفاحشة، نسأل الله لنا ولك الهداية والتوبة النصوح. بارك الله فيكم