حكم صلاة الرجل منفرداً خلف الصف

السؤال: سائل يسأل عن حكم صلاة الرجل منفرداً خلف الصف إذا لم يجد له محلا في الصف الأول، ولم يأت أحد يصف معه؟

الإجابة

الإجابة: المشهور أن صلاة الرجل فذّاً خلف الصف -أو خلف الإمام- لا تصح إن صلى ركعة فأكثر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لفرد خلف الصف" (رواه الإمام أحمد وابن ماجه) (1)، وفي حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة (رواه الإمام أحمد، والترمذي، وحسنه، وابن ماجه، وفي إسناده اختلاف) (2)، إلا أن يكون الفذ امرأة منفردة وحدها، فتصح صلاتها؛ لحديث أنس: أن جدته مُلَيْكَة دعت النبي صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، فأكل، ثم قال: "قوموا لأصلي لكم"، فقمت إلى حصير قد اسودّ من طول ما لبس، فنضحته بماء. فقام عليه صلى الله عليه وسلم وقمت أنا واليتيم وراءه، وقامت العجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين، ثم انصرف (رواه الجماعة إلا ابن ماجه) (3).

استدل المحققون بهذا الحديث على أن الرجل المعذور الذي لم يجد له محلاً في الصف يقف فيه، ولم يحصل له بعد أن نبَّه أحد المأمومين بجذبٍ أو غيره، فلم يتأخر أحد من أجله ليصف معه، ولم يتمكن أن يقف عن يمين الإمام -أن صلاته فذا صحيحة، للحاجة؛ لأنه اتقى الله ما استطاع. واختاره الشيخ تقي الدين، وغيره، وهو الصواب إن شاء الله.

وإن ركع الرجل فَذا؛ لعذر -بأن خشي فوات الركعة -ثم دخل في الصف قبل سجود الإمام، أو وقف معه آخَرُ قبل سجود الإمام- صحت صلاته قولا واحدا؛ لقصة أبي بكرة حين ركع دون الصف، ثم مشى حتى دخل الصف. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "زادك الله حرصا، ولا تَعُد" (رواه البخاري) (4)، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تعد"، دليل على أن هذا الفعل لا ينبغي؛ لأنه ينافي السكينة المأمور بها في حديث: "إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" (أخرجاه في (الصحيحين)) (5).

___________________________________________

1 - أحمد (4/ 23)، وابن ماجه (1003)، وفي إسناده عبد الرحمن بن علي بن شيبان، وهو مستور، لم يوثقه سوى ابن حبان والعجلي وابن حزم.
2 - أحمد (4/ 228)، والترمذي (230، 231)، وابن ماجه (1004)، وبين الإمام أحمد هذا الاختلاف في هذا الموضع.
3 - البخاري (380)، ومسلم (658)، وأبو داود (612)، والترمذي (234) وقال: حسن صحيح، والنسائي (2/ 85)، وأحمد (3/ 131، 149، 164).
4 - البخاري (783).
5 - البخاري (636)، ومسلم (602).