التعامل باليانصيب وشراء أوراقه

السؤال: سائل يسأل عن حكم التعامل باليانصيب، ودفع المال فيه، وشراء أوراقه؛ لأجل الربح، وتارة تكسب أضعاف ما دفعته، وتارة لا تكسب شيئاً، فهل يحل هذا؟

الإجابة

الإجابة: لا شك أن اليانصيب نوع من أنواع القمار، والقمار من الميسر الذي أمرنا الله باجتنابه، وحذرنا عنه بقوله تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ الله وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} (1)، قال الإمام صديق بن حسن خان القنوجي في تفسيره (فتح البيان): قال جماعة (2) من السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم: كل شيء فيه قمار من نرد، أو شطرنج، أو غيرهما، فهو من الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب إلا ما أبيح من الرهان في الخيل، والقرعة في استخراج الحقوق.

وقال مالك: الميسر ميسران: ميسر اللهو، وميسر القمار، فمن ميسر اللهو: النرد، والشطرنج، والملاهي كلها. وميسر القمار: ما يتخاطر الناس عليه وكل ما قومر به فهو ميسر: كالطاب، والمنقلة، والطاولة، وغيرها.

وقال قتادة: الميسر: هو القمار(3). وقال ابن عباس: كل القمار من الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب (4)، وعن علي بن أبي طالب قال: النرد، والشطرنج من الميسر(5)، وعنه قال: الشطرنج ميسر الأعاجم وقال قاسم بن محمد: كل ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو ميسر.

وعن ابن الزبير قال: يا أهل مكة، بلغني عن رجال يلعبون بلعبة يقال لها: نردشير، والله يقول في كتابه: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} إِلى قوله: {فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ}، وإني أحلف بالله، لا أوتى بأحد يلعب بها إلا عاقبته في شعره وبشره، وأعطيت سلبه لمن أتاني به، وعن مالك بن أنس قال: الشطرنج من النرد، وقال: بلغنا عن ابن عباس: أنه ولي مال يتيم، فأحرقها (6). وسئل ابن عمر عن الشطرنج، فقال: هي شر من النرد (7)، وسئل أبو جعفر عنه، فقال: تلك المجوسية، فلا تلعبوا بها (8). وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا، عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لعب بالنردشير فقد عصى الله ورسوله" (9)، وقال ابن سيرين: ما كان من لعب فيه قمار، أو صياح، أو شر، فهو من الميسر (10) انتهى.

وقال الشيخ محمد رشيد رضا في فتاواه: اليانصيب: نوع من أنواع القمار. كيفيته: أن يضع امرؤ أو شركة قراطيس صغيرة فيها أرقام تسمى نِمَرَا، أي: أعداداً يذكر في كل قرطاس منها ما يدل على أن كذا من هذه النِّمرَ يسحب في يوم كذا، وأن طائفة منها -أي النِّمرَ- يربح كذا قرشاً، أو جنيهاً، أو فرنكاً، وكذا منها يربح كذا، أي: أقل من ذلك، ويبيعون هذه القراطيس بثمن قليل بالنسبة إلى ما يرجى من بعضها، ويشتريها من يشتريها، أملاً أن تكون النمرة فيما يشتريه من النمر الرابحة، وإذن يكون أعطى قليلاً، وأخذ كثيراً، وكيفية السحب: أن توضع بطائق عليها.

___________________________________________

1 - سورة المائدة: الآيتان (90، 91).
2 - مفهوم هذا الكلام موجود في (فتح البيان) (3/84)، ط مطبعة العاصمة لعبد المحيي علي محفوظ.
3 - (تحريم النرد) للآجري، (46) وسنده صحيح.
4 - (الدر المنثور) للسيوطي (2/319)، وعزاه لابن المنذر.
5 - (أسد الغابة) (5/ 286)، وهو في أبي داود (5260)، والترمذي (1485)، وابن أبي شيبة (5/ 404، 405).
6 - أخرجه البيهقي (10/ 212).
7 - أخرجه البيهقي (10/ 212).
8 - أخرجه البيهقي (10/ 212).
9 - أبو داود (4938)، وابن ماجه (3762)، وأبو داود الطيالسي في (مسنده) (1/ 351)، وأعله أبو زرعة وغيره بالإرسال وهو منقطع. وفي الباب آثار كثيرة صحيحة في ذم النرد والزجر عنه.
10 - (الدر المنثور) (2/ 320)، وعزاه لابن أبي الدنيا وأبي الشيخ، ولم نقف على سنده.