مات زوجها وقد كان لا يصلي، ماذا تفعل؟

السؤال: امرأة مات زوجها وهو شاب في حادث سيارة وأنه كان في صغره مستقيماً وحتى بعد زواجه لكن قبل وفاته بأربع سنوات كان لا يصلي، ولا يصوم، ولم يحج، وكان جوابه إذا نصحته: "اللي ما يهديه الله ما يهديه الناس"، وتسأل: هل مات كافراً ضالاً؟ وهل تدعوا له بالرحمة والمغفرة؟ وهل تقضي عنه الصلاة، والصيام، والحج؟ وهل تذبح الذبيحة التي حلف أن يذبحها؟ وهل هو شهيد لأنه مات بحادث؟ وحكم تمني الموت لتلحق به، وهل تحد عليه؟

الإجابة

الإجابة: إذا كان زوجك أيتها السائلة قد مات وهو لا يصلي، ولا يصوم فقد مات كافراً -نعوذ بالله من حاله- لأن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة كما دلت على ذلك نصوص الكتاب، والسنة، وما روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، قال عمر رضي الله عنه: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة"، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "من لم يصل فهو كافر"، وروى مثله عن جابر، وقال بن مسعود: "من ترك الصلاة فلا دين له"، وقال بن عباس: "من ترك الصلاة فقد كفر". ونقل القول بتكفير تارك الصلاة عن معاذ بن جبل، وعبد الرحمن بن عوف، وأبي هريرة، وأبي الدرداء، وغيرهم من الصحابة. وقال به الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، وعلى هذا فلا يجوز لك أن تدعي له بالرحمة والمغفرة، لأن الله تعالى يقول: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}، ويقول لنبيه صلى الله عليه وسلم في المنافقين: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}، ولا يجوز لوالديه ولا لغيرهم أن يدعوا له بالمغفرة والرحمة، لأن من مات كافراً فهو من أصحاب الجحيم، بقول الله الذي لا يخلف، فسؤال الله أن يغفر له اعتداء في الدعاء، لأنه سؤال ما لا يمكن إجابته. ولا يجوز العطف والحنو على من مات وهو لا يصلي، ولا أن يغسل، أو يكفن، أو يصلى عليه، أو يدفن في مقابر المسلمين، لأنه ليس منهم ولا يحشر معهم، وإنما يحشر مع أئمة الكفر فرعون، وهامان، وقارون، وأبي بن خلف كما جاء في ذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام أحمد بإسناد جيد.

والمسلم المؤمن بالله واليوم الآخر لا تحمله العاطفة على أن يفعل ما لا يرضي الله، أو أن يحب ما لا يحبه الله، قال الله تعالى: {لا تجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمان وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين" (رواه مسلم)، وسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه؟ قال: "لا ينفعه"، وسأل عمرو بن العاص رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يقضي عن أبيه العاص نذراً كان عليه؟ فقال: "أما أبوك فلو كان أقر بالتوحيد فصمت، وتصدقت عنه، نفعه ذلك".

وبناء على هذين الحديثين فلا تصلين عنه، ولا تصومين، ولا تحجين، لأن الصلاة لا تقضى عن الميت، والصيام، والحج لا يقضيان عمن مات كافراً، لأن العمل الصالح لا ينفع من مات على الكفر، ولو كان من عمله هو، فكيف إذا كان من عمل غيره؟z

وخلاصة الجواب عن سؤالك الذي ذكرت فيه أن زوجك مات بحادث وهو لا يصلي ولا يصوم من حوالي أربع سنوات إلى آخر ما ذكرت ما يلي:
1 - أنه مات كافراً.
2 - أنه لا يجوز لك ولا لغيرك أن تدعي له بالمغفرة والرحمة.
3 - أنه لا يجوز أن تصلي عنه، أو تصومي، أو تحجي، أو تقضي عنه الذبيحة التي حلف أن يذبحها.
4 - أن من مات بحادث وهو لا يصلي فليس بشهيد، لأنه ليس بمسلم فضلاً عن أن يكون شهيداً.
5 - أنه لا يجوز لمؤمن يخاف الله تعالى أن يعطف على من مات وهو لا يصلي ولو كان أقرب الناس له.

ولا يجوز لك أن تتمنى الموت لنفسك وأطفالك عن قريب لتلحقي به، بل الواجب عليك الإعراض عن التفكير فيه، وأن تسألي الله لك ولأولادك الصلاح، لأن هذا هو المهم، أما من مات على الحال التي ذكرت فلا ينبغي أن يهتم به المؤمن.
6 - أما الإحداد فلا أرى أنه يجب عليك، وذلك لأن أهل العلم يقولون إن الزوج إذا ارتد عن الإسلام ولم يعد إليه قبل مضي زمن العدة بعد ردته فإنه ينفسخ نكاحه من حين ارتد، وقد ذكرت أن لزوجك حوالي أربع سنوات وهو لا يصلي ولا يصوم، وعلى هذا فلست زوجة له شرعاً من حين ترك الصلاة فلا يلزمك الإحداد حينئذ، هذا ما أراه، والعلم عند الله تعالى.



مجموع فتاوى ورسائل الشيخ رحمه الله - الجزء الثاني عشر.