شرح الحديث: "كتب على ابن آدم حظه من الزنا..."

السؤال: نرجو منكم توضيحاً لمعنى الحديث التالي: "كتب على ابن آدم حظه من الزنا وهو مدرك ذلك لا محالة فالعين تزني وزناها النظر والأذن تزني وزناها السمع والفرج يصدق ذلك أو يكذبه"؟

الإجابة

الإجابة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيّن أن الزنا من الأمور المنتشرة، فهو مثل الشرك، فالشرك كثير الانتشار جداً، وهو أخفى في النفوس من دبيب النمل، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال الله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: "اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم".

مثل ذلك الزنا: فهو أيضاً أنواع منوعة، وهو منتشر خفي، فكثير من الناس لا يقترفون الجريمة نفسها -جريمة الزنا- ولكنهم يقتربون منها، والله حرم الاقتراب من الزنا، ولم يذكر الزنا بنفسه في قوله: {ولا تقربوا الزنا}، فلم يقل: "ولا تزنوا"، وإنما قال: {ولا تقربوا الزنا}، فهذا يقتضي تحريم النظر، وتحريم الكلام في الريبة، وتحريم الاقتراب والدخول على النساء، والخلوة والخلطة وغير ذلك، فكل ذلك داخل فيما حرمه الله سبحانه وتعالى في قوله: {ولا تقربوا}

. ما حكم مصافحة المرأة؟

نعم، مصافحة الأجنبية من الاقتراب من الزنا الذي حرمه الله في هذه الآية.

. ما حكم الرد عليها إذا سلمت بالقول؟

بالنسبة لرد السلام في غير ريبة لا حرج فيه، بل هومما أمر الله به في كتابه في قوله: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها}، فرد السلام لا حرج فيه شرعاً، ومثل ذلك تشميت العاطس، فهو حق من حقوق المسلم على أخيه ويستوي فيه الرجال والنساء، لكن المحرّم:

- هو كلام الريبة: {ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}.

- وكذلك الدخول على النساء والخلوة بهن فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إياكم والدخول على النساء"، فقالوا: يا رسول الله والحمو؟ فقال: "الحمو الموت".

وبالنسبة لحظ الإنسان من الزنا: لو كان كل نظر إلى محرم داخلاً في هذا لكان هذا مشكلة وضرراً على الناس، وقد أباح الله النظرة الأولى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك النظرة الأولى"، فلهذا قال: "والفرج يصدق ذلك أو يكذبه"، فالشاهد الذي يشهد أن هذا من الزنا أوليس منه هو الفرج، إذا صدق ذلك معناه أن الإنسان -نسأل الله السلامة والعافية- قد وقع فيما حرم الله عليه، وإذا كذبه فمعناه أنه لم يصب ما حرم الله عليه حينئذ، وكذلك السماع فإذا كان من الزنا فعلامة ذلك وشاهده أن يصدق ذلك الفرج، وإذا لم يفعل فقد كذبه فمعناه أنه لم يفعل ما حرم عليه.

وبالنسبة لتعليم النساء وجمعهن: هذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه، وهو بعيد من الريبة ولا يشبهها، لكن المشكلة الخلوة بالأجنبية والدخول عليها، ومخالطة النساء الأجنبيات.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.