رفع الصوت بعد الجنازة بالذكر

توفي رجل ثم قام الناس بتشييعه وهم يقولون: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وبصوت مسموع ومرتفع، ثم قام أهل الميت بالصدقة عليه، وعندما رجع الناس من دفنه بدءوا في الأكل والشرب والضحك فيما بينهم، ما رأي سماحتكم في مثل هذه التصرفات؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد. فاتباع الجنازة ورفع الأصوات بالذكر أو الصلاة على النبي - صلى عليه وسلم - لا أعلم له أصلاً في الشرع، بل السنة خفض الصوت في هذه الحالة وأن الإنسان يحاسب نفسه ويتذكر مصير هذا الميت ومصيره هو أيضاً؛ لأن الموت له شأن عظيم، وذكره يحرك القلب إلى الاستعداد للقاء الله والقيام بحقه والحذر من معاصيه سبحانه وتعالى، فالمسنون لأتباع الجنازة أن يتأملوا مصير هذا الميت ومصيرهم وأن يعدوا العدة، وأن يخفضوا الأصوات تقديراً لهول الموقف وشدة الحاجة إلى الإعداد للآخرة، والتأهل للموت قبل نزوله، وأما صنع الطعام لأهل الميت فهذا فيه تفصيل، أما صنع الطعام من أجل المصيبة وجمع الناس هذا ليس من المشروع، بل من الجاهلية، أما إذا صنعوه لأجل ضيف نزل بهم، أو لأنفسهم فلا بأس، أو جاءهم طعامٌ من غيرهم؛ لأنه يسن لجيرانهم وأقاربهم أن يصنعوا لهم طعاماً؛ لأنه قد أتاه ما يشغلهم، لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر أهله أن يصنعوا طعاماً لأهل جعفر لما قتل في مؤتة، لما جاء خبره إلى المدينة - رضي الله عنه - جعفر بن أبي طالب، أمر أهله أن يصنعوا لأهل جعفر طعاماً، وقال إنه قد أتاهم ما يشغلهم، فإذا صنع أقارب الميت لأهل الميت طعاماً أو جيرانه فهذا مشروع وإذا دعا أهل الميت من يأكل معهم لهذا الطعام أو قدموه لضيفانهم كل هذا لا بأس به، أما رجوعهم بعد الدفن للضحك واللعب فهذا ليس بمناسب، بل الأفضل لهم أن يتدبروا الأمر ويظهر عليهم أمارات الحزن، والاستعداد، ولهذا لما مات إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عليه الصلاة والسلام: (العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزنون)، ولما حضر الموت ابن بنته عليه الصلاة والسلام، دعته - صلى الله عليه وسلم - فحضر، فلما رأى نفس الصبي تقعقع عند الخروج بكى، فسأله بعض الحاضرين عن ذلك، فقال: (إنها رحمة، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)، فالأفضل لأهل الميت أن لا يشتغلوا بالضحك واللعب، بل يقدروا الموقف ويظهر عليهم أثر الحزن مع الرضا عن الله، والاسترجاع إنا لله وإنا إليه راجعون، والصبر الاحتساب، أما مقابلة ذلك بالضحك واللعب فليس من المشروع، وليس من المناسب، بل المناسب إظهار الحزن وإظهار الدعاء للميت، والاستغفار له، وعدم إظهار اللعب والضحك ونحو ذلك مما يدل على عدم المبالاة، وفي التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الخير والبركة فما كان - صلى الله عليه وسلم - عند الموت يظهر الضحك بل كان يظهر الحزن والبكاء ويقول إنها رحمة, وفق الله الجميع. جزاكم الله خيراً