هل تحل الزكاة لبني هاشم في هذا الزمان؟

السؤال: هل تحل الزكاة لبني هاشم في هذا الزمان؟

الإجابة

الإجابة: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة، وإن مولى القوم منهم"، وقال: "إنما هي أوساخ الناس"، وقال: "لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها"، وعندما رأى الحسن بن علي أخذ تمرة من تمر الصدقة فامتضغها، جعل يقول: "كخ كخ" ويمسك بفيه حتى أخرجها، وكل ذلك أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكلها تدل على تحريم الصدقات على بني هاشم.

فلا يحل لبني هاشم ولا لمواليهم أخذ شيء من الصدقة لا من الزكاة الواجبة ولا من الصدقة المندوبة، إلا من ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، وقد قال الله تعالى: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه}، وبنو هاشم هم بنو هاشم في أي وقت وفي أي مكان وفي أي زمان، فما لا يحل للسابقين منهم لا يحل للاحقين، ولم يطرأ شيء من الشرع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ختم الله الشريعة بمحمد صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً}، فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً.

فلذلك لا يحل لبني هاشم أخذها، وعليهم أن يعلموا أن الله نزّههم عنها وشرفهم، وهي أوساخ الناس وأقذارهم وتذهب بذنوبهم، ولذلك عليهم أن يحرصوا على التطهر منها وعدم أخذها، وليس ذلك مقابل شيء، كثير من الناس يظنون أنه إنما حرمت عليهم الصدقة لما كان يأخذونه من بيت المال، وهذا غير صحيح، ما كان يأخذون من بيت المال إلا ما يأخذه غيرهم من المسلمين، وبعضهم يقول: في مقابل الخمس، فالخمس إنما كانوا يأخذونه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فقط، الخلفاء الراشدون الأربعة لم يعطوا أحداً من بني هاشم شيئاً من الخمس، وفي صحيح البخاري أن نجدة بن عامر كتب إلى ابن عباس يسأله هل لبني هاشم حظ في الخمس؟ فبين له ابن عباس أنهم كانوا يرون أن لهم ذلك، ولكن الخلفاء الراشدين منعوهم فلم يعطوهم، وقد جاء بنو هاشم إلى علي رضي الله عنه يريدون نصيبهم من الخمس، فقال: "إن أبا بكر وعمر وعثمان منعوكم فلم أكن لأخالفهم"، فلم يعطهم شيئاً من الخمس، فالخمس قد كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم له يصرفه في ذوي القربى، ثم بعد ذلك توفى الله رسوله صلى الله عليه وسلم والرسول لا يورث، وقد قال: "إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة"، فالخمس يقسم في الأخماس الأخرى التي بين الله سبحانه وتعالى فقد قال الله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه}، وهذا الخمس الذي هو لله قسمه في خمسة فقال: {وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله}، فهذه الخمسة هي أخماس الخمس، الخمس الواحد يخمس إلى خمسة أخماس.

وقد ذهب أبو يوسف من الحنفية إلى أن زكاة الهاشميين يجوز للهاشميين أخذها، أنه من كان من فقراء بني هاشم يجوز أن يأخذ من صدقات بني هاشم، وقد ورد أن بعض السلف من بني هاشم كانوا في المسجد معتكفين، فرأوا سقاية سألوا عنها فإن كانت لأحد من بني هاشم شربوا منها وإن كانت لمن سواهم لم يشربوا منها، وقد أخرج الحاكم في علوم الحديث حديثاً مسلسلاً بالهاشميين أن العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن له في إخراج زكاته في فقراء بني هاشم فأذن له بذلك، ولكن الحديث ضعيف، وقد نظمه الشيخ محمد علي رحمة الله عليه بقوله:
فائدة من أطرف الطريف *** صدقة الشريف للشريف أحلها النبي دون باس *** على سؤال عمه العباس يستند المفتي بذا والحاكم *** لما رواه في العلوم الحاكم بسند ما فيه أي هاشم *** كل رجاله من آل هاشم
ولكنه عقب فقال:
قلت وفي الميزان من هذا السند *** ثلاثة فمثله لا يعتمد
وقد ذكر الذهبي في ميزان الاعتدال ثلاثة من الرجال الذين اعتمد عليهم الحاكم في هذا الحديث، وميزان الاعتدال لا يترجم فيه الذهبي إلا لمن تكلم فيه، والعباس لم يكن يخرج زكاته في حياته، في حياة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين لم يكن أحد من المسلمين يخرج زكاته من تلقاء نفسه، بل كان ينتظر الجابي الذي يرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأخذها.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.