الإجابة:
فإني أقول إن ما ذكره هؤلاء العلماء المشهورون قول صحيح ورأي سديد،
وفيه توسعة على المسلمين، وتأييد للدعاة والمرشدين، وسبب قوي لنشر
الدين وقمع المشركين.
ولا شك أنه سبيل الله تعالى هو الطريق الموصل إليه، وجمعه سُبُل، كما
قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ
اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ} [المائدة، من الآية:
16]؛ أي: يهدي إلى السبيل التي تؤدي من سلكها إلى السلام، فكل عمل
صالح يقرب إليه تعالى ويوصل إلى رضاه وجنته فهو من سبيل الله؛ لأن
الله تعالى يحب أن يتقرب به إليه، ويترتب عليه ثوابه وكرامته، فالله
تعالى ذكر في آية الصدقات أشخاصاً يستحقونها لحاجاتهم الخاصة بهم،
كالفقير والغارم والمؤلَّف وابن السبيل ونحوهم، ممن يأخذها لمصلحته
وحاجته الحاضرة، ثم أجمل الجهات الأخرى بقوله: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التّوبة، من
الآية: 60]، وقد جعل الله الهجرة من سبيله بقوله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ
فِي الأَْرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} [النّساء، من
الآية: 100].
ولا شك أن مصلحة الدعوة إلى دين الله، وبيان محاسن الدين، والرد على
المفسدين والملحدين، وتفنيد شبهات الكفار والمنافقين ونحو ذلك، هو من
نصر الله ونشر دينه الذي ارتضاه وأحبه وفرضه على البشر، فإذا تعطل هذا
الباب ولم يوجد من ينفق عليه، ويدفع به إلى الأمام، ويتبرع للدعاة
والمصلحين بما يكفل استمرارهم في عملهم وجب أن يصرف فيه من الزكوات
المفروضة، لاقتضاء المصلحة، فالنفقة فيه قد تكون أهم من دفعها لبعض
المذكورين، كالمُكاتَب والمؤلَّف وابن السبيل؛ فإن هؤلاء قد يتحملون
الصبر، ولا يكون فيهم من الضرورة كضرورة الرد على المفسدين وقمع
المنافقين، ونشر العلم وطبع المصاحف وكتب الدين، وتسجيل أشرطة
إسلامية؛ تتضمن بيان حقيقة الإسلام وأهدافه، ومناقشة الشبهات التي
تروج على ضعفاء البصائر، فمتى توقف الإنفاق على هذه المصالح من
التبرعات - جاز الصرف على جميعها وما أشبهها من الزكاة، التي شرعت
لمصالح الإسلام وما يسد خلتهم. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله
وصحبه وسلم.
موقع الآلوكة.
(1) أبو داود (1990)، وابن خزيمة في (صحيحه) (3077)، والطبراني في
(الكبير) (12911)، والحاكم 1/484 (1779) وصححه، والبيهقي في (الكبرى)
(11699)، والحديث صححه الألباني في (الإرواء) رقم (1587).
(2) أحمد (3/124، 153، 251)، وأبو داود (2504)، والنسائي (3096)،
والدارمي (2431)، وابن حبان (4708)، والحاكم 2/81 (2427) وصححه ووافقه
الذهبي. وقال الألباني في تخريج أحاديث المشكاة رقم (3821): "إسناده
صحيح".