مارست الجنس مع زوجتي قبل أن أتزوجها، فماذا أفعل

السؤال: لقد مارست الجنس مع زوجتي قبل أن أتزوجها، ولكنني بعد أن تزوجتها جامعتها من دبرها، ماذا أفعل، أرجو أن تدعو الله بأن يغفر لي؟

الإجابة

الإجابة: فإن الزنا من أقبح الذنوب وأعظمها الذي يجب على صاحبها التوبة والاستغفار والندم والعزم على عدم العودة، وقد سبق بيان هذا في الفتوى الموجودة على الموقع بعنوان: (التوبة من الزنا)

أما إتيانُ المرأة في دُبُرِها، فكبيرةٌ من كبائر الذُّنوب، وهو قول جَماهير السلف والخلف من الأئمة الأربعة وغيرهم، ومذهب أبي حنيفة وأصحاب الشافعي وأحمد وأصحابه أن ذلك حرام لا نزاع بينهم وهذا هو الظاهر من مذهب مالك وأصحابه؛ لكن حكى بعض الناس عنهم رواية أخرى بخلاف ذلك، ومنهم من أنكر هذه الرواية وطعن فيها كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية.

واحتج أهل العلم على التحريم بأدلَّة كثيرة منها:
ما (رواهُ أبو هُريرة) أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قال: "ملعون مَنْ أتى امرأته في دُبُرِها" (رواه أحمد وأبو داود وحسَّنه الألباني).

وعنِ ابن عبَّاس عن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال: "لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلا أَوِ امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ" (رواه الترمذي وحسنه الألباني).

وعن أبي هُريرة رضي الله عنه أنَّ رسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "مَن أتى حائضًا أوِ امرأةً في دُبُرِها أو كاهنًا فصدَّقه فَقَدْ كفَر بِما أُنْزِل على مُحمَّد صلَّى الله عليه وسلم" (رواه أحمد والترمذيُّ والنَّسائِيُّ وأبو داود)، وصحَّحه الألبانِيُّ في (إرواء الغليل).

وعن خزيْمة بنِ ثابتٍ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "إنَّ الله لا يستحي من الحقِّ، لا تأْتوا النِّساء في أدبارِهِنَّ" (رواه أحمد وابن ماجه)، قال الإمام النووي في (شرحه على صحيح مسلم): "واتَّفق العلماءُ الذين يعتدُّ بِهم على تَحريم وطْءِ المرأة في دُبُرِها حائضًا كانتْ أو طاهِرًا".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وطْءُ المرآة في دُبُرِها حرامٌ بالكتاب والسُّنَّة، وهو قول جَماهير السلف والخلف؛ بل هو اللوطية الصغرى، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "إنَّ الله لا يستحيي من الحق لا تأتُوا النِّساء في أدبارهن"، وقد قال تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} "والحرث" هو موضع الولد؛ فإنَّ الحرثَ هو مَحل الغَرْسِ والزَّرع، وكانتِ اليَهُودُ تَقول: إذا أَتَى الرَّجُل امرأته من دُبُرِها جاء الولَدُ أحْولَ، فأنزل اللهُ هذه الآية؛ وأباح للرَّجُل أن يأتِي امرأتَه من جَميع جهاتِها؛ لكن في الفرْج خاصَّة، ومَتَى وطِئها في الدُّبُر وطاوعتْه عُزِّرَا جَميعًا؛ فإن لم يَنتهِيا وإلا فرق بينهما؛ كما يفرق بين الرَّجُل الفاجر ومن يفجر به". اه.

هذا وقد بيَّن ابن القيم رحمه الله في (الزاد) المَضارِّ المترتِّبة على الجماع في الدبر فقال:
"وإذا كان الله حرَّم الوطْءَ في الفرْج لأجلِ الأذَى العارض -يعنِي الحيض- فما الظَّنُّ بالحشِّ الذي هو محل الأذى اللازم، مع زيادة المفسدة بالتعرُّض لانقطاع النسل والذَّريعة القريبة جِدًّا من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان، وأيضًا فللمرأة حقٌّ على الزَّوج في الوطْءِ، ووطْؤُها في دُبُرِها يفوِّت حقَّها، ولا يقضي وطرها، ولا يحصل مقصودها.

وأيضًا فإنَّ الدُّبُر لم يتهيَّأْ لهذا العمل ولم يُخلقْ له، وإنَّما الذي هُيِّئ له الفرج، فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عنْ حِكمة الله وشرْعِه جميعًا.

وأيضًا فإنَّ ذلك مُضِرٌّ بالرجل، ولِهذا يَنهى عنه عقلاءُ الأطبَّاء من الفلاسفة وغيرِهم؛ لأنَّ للفرج خاصيةً في اجتذاب الماء المحتقن وراحةِ الرجل منه، والوطءُ في الدُّبُر لا يُعين على اجتذاب جميع الماء.

وأيضًا يَضُرُّ من وجهٍ آخَر، وهو إحواجُه إلى حركات متعِبة جِدًّا لِمخالفته للطبيعة، وأيضًا فإنَّه محلُّ القذر والنجو فيستقبِلُه الرجل بوجهه ويلابِسُه.

وأيضًا فإنَّه يضرُّ بالمرأة جِدًّا، لأنَّه واردٌ غريبٌ بعيدٌ عنِ الطباع، منافرٌ لَها غايةَ المُنافرة.

وأيضًا فإنَّه يُحدِثُ الهَمَّ والغَمَّ والنَّفرةَ عنِ الفاعل والمفعول.

وأيضًا فإنَّه يسوِّدُ الوجه، ويظلم الصدر، ويطمس نُورَ القلب، ويَكْسُو الوَجْهَ وحشةً تَصيرُ عليْهِ كالسيماء يَعرِفُها مَن لهُ أدْنَى فراسة.

وأيضًا فإنَّهُ يُفْسِدُ حالَ الفاعِلِ والمَفْعُول فسادًا لا يكادُ يُرْجَى بعدَه صلاحٌ، إلا أن يشاءَ اللهُ بالتَّوبة النَّصوح.

وأيضَّا فإنَّه يذهب بالمحاسن منهما ويكسوهُما ضِدَّها، كما يذهب بالمودَّة بَيْنَهُما ويبدِلُهما بِها تباغُضًا وتلاعُنًا.

وأيضًا من أكبَرِ أسباب زوالِ النِّعم وحلول النِّقم، فإنَّه يُوجبُ اللَّعنةَ والمَقْتَ من الله، وإعراضه عن فاعله، وعدم نظره إليه، فأيّ خير يرجوه بعد هذا؟! وأي شر يأمنه؟! وكيف حياةُ عبدٍ قد حلَّتْ عليْهِ لعنةُ الله ومقتُه، وأعرض عنه بوَجْهِه ولم ينظُرْ إليه.

وأيضًا فإنَّه يذهب بالحياءِ جُملة، والحياءُ هو حياةُ القُلوب، فإذا فَقَدَها القلْبُ استَحْسَن القبيحَ واستَقْبَحَ الحسن، وحينئذٍ فَقَدِ استَحْكَمَ فسادُه.

وأيضًا فإنَّه يورث من الوقاحة والجرأة ما لا يورثه سواه.

وأيضًا فإنه يورث من المهانة والسفال والحقارة ما لا يورثُه غيْرُه.

وأيضًا فإنَّه يكسو العبدَ من حلة المقْتِ والبغضاء وازدراء الناس له واحتقارِهم إيَّاه". اه. مختصرًا.

وعليه فيجب عليكَ التوبة النصوح والاستغفار والندم والعزم الأكيد على عدم العود، مع الإكثار من العمال الصالحة، ونسال الله أن يتوب عليك وعلى جميع المسلمين.



من فتاوى زوار موقع طريق الإسلام.