حكم استخدام الرجال للذهب لأجل العلاج

قرأت في كتاب الطب النبوي لابن قيم الجوزية حيث أشار إلى أن الذهب مفيد في علاج الخوف وضعف القلب، والرجفان العارض من السوداء، وينفع حديث النفس والحزن والغم من الفزع، والعشق -فيما يبدو- هل يجوز لمن عنده من هذه الحالات أن يستخدم الذهب؟ وهل هو حلال أم حرام؟ وما رأيكم عموماً فيما يصفه ابن القيم في كتابه هذا، أو في زاد المعاد؟

الإجابة

لست أعرف لهذا أصلاً بيناً, ولعل الأسباب أن الذهب مال نفيس وله قيمة وأهمية فإذا اقتناه المحزون أو المهموم أو نحو ذلك يرى من الراحة والطمأنينة والفرح ما يدفع ما به من هم وحزن وفزع ونحو ذلك لغلائه ونفاسته, كما أن الإنسان إذ رأى محبوبه ويرغب في لقائه يحصل له من الفرح والسرور والنشاط والقوة ما يدفع بعض المرض وبعض الأذى, فالمال محبوب للنفوس ولاسيما الذهب له نفاسة وله أهمية وله قيمة فقد يكون إذا رآه الإنسان وكان حوله أو عرف أنه عنده وأنه في حوزته يحصل له من الراحة والطمأنينة والأنس بهذا الشيء مما يعينه على دفع هذا البلاء أو تخفيفه, وهذا يلحق به بقية الأموال التي لها قيمة, فإن المال معروف حب النفوس له كما قال الله-عز وجل-: وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا, وقال-سبحانه-: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ يعني المال, فإذا كان من الذهب صار الأمر أحب أكثر؛ لأن الذهب أنفس للأموال بالنسبة إلى معلومات الناس في الجملة وإن كان هناك معادن قد تكون أغلى منه, لكن بالنسبة لمعلومات الناس ولاسيما العامة فإن الذهب عندهم في القمة, وله أثر في النفوس وفي دفع الأوهام والأحزان والفزع ونحو ذلك لعله من هذه الحيثية فقط أما غير ذلك فلا نعلم له شيئاً, وابن القيم كغيره من أهل العلم ينقل ما يقول الناس ما يقول الأطباء وما يقوله من قبلهم, فقد ينبهون على شيء وقد يعلقون على شيء وقد ينقلونه كما وجدوه, والمسألة في هذا ترجع إلى أمرين: أحدهما ما ينقل عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - فلا شك أنه على ما قال - صلى الله عليه وسلم - نافع ومفيد على ما قال - صلى الله عليه وسلم - إذا ثبت عنه السمع, أما الشيء الثاني فما ينقل عن الأطباء الأوائل أو المحدثين فهذا في الغالب يكون عن تجارب جربوها, أو نقلوها عن غيرهم فقد يفيد وقد لا يفيد, وقد تكون هناك أشياء تعيقه عن الفائدة وتمنع فائدته, فإن من شرط الفائدة من الدواء أن لا يكون هناك مانع يمنع منه, فإذا صار الدواء له أثر في المرض, وصار المرض ليس هناك مانع من تأثير الدواء فيه فإنه ينفع بإذن الله، لأنه قد يكون هناك موانع في جسم الإنسان أو في المريض تدفع أثر هذا الدواء وتعيقه أو تبطله والله حكيم عليم- جل وعلا-, ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله) (لكل داء دواء فإذا أصيب - يعني حصلت له موافقة –فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله), فقد يكون هذا الدواء ليس صالحاً لهذا الداء فإنه لا ينفع فيه, أما إذا وجد دواء الداء نفسه إذا جعله الله دواءً له وأحسن استعماله ووضع كما ينبغي فإنه في الغالب ينفع الله به. بارك الله فيكم