ما يقال في الركوع والسجود

يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث له: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم)، وفي صلاة للرسول -صلى الله عليه وسلم- قال رجل عند الرفع من الركوع بعد قوله ربنا ولك الحمد: (حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه)، وعند

الإجابة

الحديث المذكور في النهي عن القراءة، راكعاً وساجداً, ثابت رواه مسلم في الصحيح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) المعنى حريٌ أن يستجاب لكم، أقول المعنى معناه أنه شطره الأول ثبت عن علي -رضي الله عنه- في النهي عن القراءة راكعاً أو ساجداً فلا يجوز للمسلم أن يقرأ في الركوع والسجود، لكن لو دعا في السجود بدعاء يوافق ما في القرآن لم يكن قارئاً إذا أراد الدعاء فقط، كأن يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) سورة البقرة. رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (8) سورة آل عمران. لا يقصد القراءة يقصد الدعاء ولا حرج في ذلك، وكذلك إذا عظم الرب بأنواع من التعظيم لم ترد لا بأس؛ لأن الرسول قال: (عظموا فيه الرب) فعمم فإذا قال من التعظيم ما قاله السائل، أو اقتصر على الوارد كله طيب، وكونه يقتصر على الوارد ويكثر من الوارد ويكرر أفضل، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- لما سمع الرجل قال: "حمداً كثيراً طيباً..."، قال:-كما في السؤال- (لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها) فأقره، فدل ذلك على استحباب مثل هذا التحميد، يقول: (ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد)؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعل بعض هذا وأقر هذه الزيادة حمداً كثيراً، وكان يقول -صلى الله عليه وسلم- "ربنا ولك الحمد" و"اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد" فلما أقر الرجل على قوله "حمداً كثيراً..." إلى آخره، دل على شرعية ذلك، وأن يقول: ربنا ولك الحمد أو: "اللهم ربنا لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد", لأن هذا كله ثناء، وكان -صلى الله عليه وسلم- ربما زاد: "أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" في وقوفه بعد الركوع -في اعتداله بعد الركوع- أقله "اللهم ربنا ولك الحمد" أو "ربنا ولك الحمد" هذا الواجب عند جمعٍ من أهل العلم، وأكثر أهل العلم على أنه سنة، لكن القول بوجوب هذا المقدار هو الأصح؛ لأن الرسول أمر به -عليه الصلاة والسلام- وما زاد على ذلك فهو كله سنة، وقوله: "حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد" كل هذا سنة، كذلك قوله: "أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" يعني ولا ينفع ذا الغنى والحض و......... منك غناه، المعنى كلنا فقراء إلى الله -سبحانه وتعالى- فإذا أتى بهذا تارة وهذا تارة فلا بأس؛ لأنه سنة، وفي الدعاء كذلك يدعو بما يسر الله من الدعاء، ولكن تحري الدعاء الوارد أفضل، كما أنه يتحرى التعظيم الوارد في الركوع والسجود "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" هذا مما ورد في الركوع والسجود، سبحانك الله ربنا وبحمدك, اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، ولو قال سبحان الملك العظيم، أو سبحان الله العظيم كله تعظيم، لكن كونه يتحرى الأذكار الواردة في الركوع والدعوات الواردة في السجود كله طيب، أفضل من غيره، ولكن إذا دعت الحاجة إلى أن يدعو بدعوات أخرى يدعو؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء), وللحديث الثاني رواه مسلم في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء) رواه مسلم، فهذا يدل على أنه يشرع الدعاء في السجود بما يحتاجه المسلم، فإذا كان محتاجاً للزواج قال: "اللهم يسر لي زوجة صالحة" أو للذرية "اللهم يسر لي ذرية طيبة" أو لكسب الحلال قال: "اللهم يسر لي كسباً حلالاً", كل هذا لا بأس به؛ لأن الحاجة تدعو إلى ذلك، وإذا أكثر من الدعوات المشروعة الواردة كان أفضل، إذا قال: "اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله, وأوله وآخره، وعلانيته وسره"؛ لأن هذا ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كذلك: "اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم"، هذا دعاء وارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. أو "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت" هذا من الدعاء الوارد، ولكن يشرع مع هذا أن يقول: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" يقول في السجود كما يقول في ركوعه، ويقول: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" في الركوع والسجود، تعظيم ومعه دعاء. قالت عائشة -رضي الله عنها- كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي). جزاكم الله خيراً.